اجي نتعاونو

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته


،إخواني و أخواتي

تابعت باهتمام كبير فيديو حلقة برنامج "أجي نتعاونو" التي خصصت لإلقاء الضوء على معاناة بعض معطلي بلدتنا الغالية،و التي توجت أيضا بتقديم هبات و مساعدات مادية و معنوية لهم، مبادرة حميدة حقا استحق من خلالها البرنامج العلامة الكاملة، لكن هذه الالتفاتة كشفت و بالملموس معاناة العديد من أسر المنطقة مع أبناءهم و بناتهم، معاناة مستمرة باستمرار الثقافة السائدة و باستمرار التهميش 
و التفقير المتعمد للمنطقة التي لا تعكس بالطبع ما تحويه من إمكانات و موارد طبيعية و بشرية هامة

أول ما أثار حفيظتي هو السن المتقدم لهؤلا المعطلين، بعضهم حائز على شهادة جامعية منذ 12 سنة، و مهنته الحالية: البحث عن و ظيفة، و البعض الآخر قد غيرت التجاعيد ملامحه و لعب الزمن بتراسيم وجهه، بل و إن منهم من تزوج و أنجب على أمل أن يغير القفص الذهبي مجرى حياته نحو الأفضل في انتظار فرج لم يكتب له الانتصار على الشدة. منهم من رفض الزواج بغية رد جزء بسيط من الجميل الذي تفضل به الوالدان، شعارهم الصمود و الكفاح إلى أجل غير مسمى، و كل شيء يهون في سبيل تحقيق الحلم 


أسرة كاملة تعيش على أمل أن ينجح ابنها أو ابنتها في الفوز بوظيفة محترمة تنسيها هم سنوات من الإنفاق و الإيثار على النفس في سبيل العيش الكريم، فلا هي عرفت العيش الكريم في السابق، و لا هي وجدته في اللاحق، الحقيقة الوحيدة التي أثبتت هي أنها كانت تلهث وراء سراب ضائع. حتما كانت ردود الأمهات مبكية، كان وقعها حادا على نفسي: (..كنت تنتمنى اهزني ساعة تنهزها أنا...) تقول أم لحسن بحسرة كبيرة بعد أن تحولت الآمال إلى آلام. محمد، صاحب ال 41 سنة، رب أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، و الذين سيصبحون أربعة بعد بضعة أسابيع، لم ينل المرض و لا اليأس من عزيمته و طموحه، و هو الذي يقول: " إلى ما جابها الذراع يجيبها العقل "، متحديا و معاكسا بذلك المنطق المعروف : " إلى ما جابها القلم تجيبها القدم"، كيف لا و أمواج الحياة أجبرته على تحدي الظروف و لو كان الثمن عكس المفاهيم، المهم أن يصل لبر الأمان، لكن ما يشفي غليل القلب و أنت تتأمل قصة هذا الرجل المكافح، هو وجود تلك الزوجة الصالحة و الصبورة بجانبه، و الله إني أحسست بحجم تضحياتها فقط بالنظر في عينيها المملوءتين باﻷمل، سخرها الله عز و جل لكي تعيد الروح لجسد رجل فقد في لحظة طعم الحياة، من هذا المنبر أقول للسيد محمد، لقد وهبك الله زوجة يحق لك أن تفتخر بها، كثيرون من منحتهم الدنيا مالا و جاها منقطعي النظير، لكن قليلون من تمنحهم الدنيا زوجة قنوعة و صبورة مثل حسناء، حفظها الله لك و لأبناءك. و يبقى السؤال المطروح: من المسؤول عن هذا الوضع المزري لشباب أصبحوا لا يرون في الحياة سوى صورة طبق اﻷصل للجحيم الأخروي


المسؤولية هنا مشتركة، بين القائمين على الشأن المحلي الذين تقاعسوا في جلب الاستثمارات التي من شأنها أن تساعد الشباب العاطل في المنطقة، و بين رجال و أساتذة التعليم في واويزغت (البعض منهم طبعا)، المكرسين لسياسة "التكليخ"،و الذين لا يتوقفون عن تخريج أفواج من التلاميذ بمستوا هزيل، يجعلهم غير قادرين على مسايرة الدراسة الجامعية، عاجزين عن إيجاد موضع قدم لهم أمام المنافسة الكبيرة لأبناء المناطق اﻷخرى في الجامعة، في مغرب أصبح لا يعترف إلا بمنطق التنافسية و منطق "الباك و باباك" ، و إن كنت ألقي باللوم كذلك على شباب المنطقة،الذين يتكاسلون و يتجاهلون بدورهم كل التضحيات التي يتحمل أعباءها الآباء و اﻷمهات، غير مكترثين بحجم المسؤولية و الآمال المعقودة عليهم، و قد كنت شاهدا على الكثير من النماذج لطلبة واويزغتيين درسوا بمدينة بني ملال، كانوا يجدون المتعة في إنفاق أموالهم في العبث و اللهو و هم يعلمون أن هنالك من تعب و كل و ربما منع نفسه من العديد من اﻷساسيات لكي يحصل هو على هذه الأموال، راجيا الله أن يصبح يوما ما ابنه موظفا فيكون بذلك الساعد و المعين ليخرجه من ظلمات الفقر إلى نور الكرامة و العيش الكريم. وجب على اﻷبناء العمل بجهد لتحقيق و لو البعض من رغبات ذويهم، لكي لا يطفئوا شمعة الأمل اﻷخيرة لدى آباءهم، "والله يسمح لينا من الوالدين "...إذن، و في انتظار أن يزول اﻷلم، في انتظار نهاية جميلة لقصة شبابنا المعطلين، نتمنى نحن بدورنا التوفيق لهم لما فيه خير...تحياتي 

Share this:

هناك 3 تعليقات :

  1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
    بداية اتوجه بالشكر الجزيل على القيم على هذا الصفحة والتي من خلالها نتعرف على بعض الأخبار عن واويزغت وان كانت في بعض الأحيان محزنة جدا.
    موضوع البطالة في نظري متشعب والمسؤولية تقع على عاتق الجميع ابتداء من المعطل نفسه وانتهاء عند من يملك مقاليد السلطة والحكم في البلاد؛ فالمعطل مسؤول عن وضعيته عندما يتقاعس عن القيام باول عمل يصادفه وفي أي مجال كان(الفلاحة، البناء)في انتظار الذي سيأتي أو لن يأتي ابدا الا وهو التوظيف الحلم الأبدي لأي معطل. أما مسؤولية النظام الحاكم فهي تابثة لعدم نهج السياسة السلبمة من اجل خلق فرص الشغل وتوفير الارضية الملائمة للاستثمارات التي من شأنها توفير مناصب شغل للشباب العاطل، اضافة الى تغييب التضامن مع الفئات التي تحتاج لذلك. وتوضيحا لهذا اسوق مثالا على ما تقوم به بعض الجماعات المحلية الأسبانية في اطار "اجي نتعاونو ديال الصح"
    _ المعطلون عن العمل يعفون من أثمنة الأدوية.
    _ يستفيدون من مساعدة عائلية نقدية قدرها 426أورو.
    _ تقوم الجماعة المحلية ببرامج توظيف مؤقتة لمدة شهر أو ثلاثة أشهر تكون فيها الأولوية للأكثر احتياجا
    وهذا على مدار السنة.
    فحبذا لو تحذو جماعتنا المحلية حذو هؤلاء عوض انتظار برنامج تلفزيوني حتى يقوم مقامها في أشياء كان في امكانها القيام به بالتنسيق مع النسيج الجمعوي في واويزغت وباشراك المعطلين بصفتهم المعني الأول بالموضوع.
    في الختام أحيي جميع المناضلين والمناضلات المعطلين الأشراف في واويزغت خاصة وفي المغرب عامة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. تلك مأساتنا مع جماعتنا المحلية، التي لا تملك خططا استراتيجة و لا تنموية تحيي بها المنطقة، و ذلك راجع بالأساس لضعف تكوين مسيريها، بل إن البعض منهم غير متمدرسين، فالتصويت في الانتخابات خاضع لمنطق القبلية لا لمنطق الأهلية، للأسف..

    ردحذف

 
Copyright © واويزغتــي | فين ما مشيت . Designed by OddThemes | Distributed By Gooyaabi Templates