رواية "لو كان الفقر رجلا لقتلته"_ الجريمة النكراء 2

law-kana-lfaqro-rajola-laqataltoh-16
...تفجرت الدموع على خدي فاطمة و بدأت تترجاه قائلة:
_"أرجوك يا مصطفى، أرجوك، أستحلفك بأغلى ما تملك أن تتركني و شأني، أرجوك فأنت لست من أولئك المراهقين الطائشين،..أرجوك يا مصطفى، سأدين لك بخدمة إن تركتني و شأني..أرجوووك.."
و بنبرة متعجرفة رد مصطفى قائلا:
_"أن أترككِ و شأنك..ها ها ها، كنت أتحين هذه الفرصة الذهبية منذ مدة و الآن عندما حصلت عليكِ بين يدي، تطلبين مني أن أخلي سراحكِ بهذه السهولة..هه..اسمعي إن نطقت بكلمة واحدة سأغرس هذا السكين في عنقك و أرتوي من دمائكِ، أسمعتي؟"
و ازدادت دموع فاطمة التي أخذت تذرفها في صمت و خوف شديدين، بينما انهمك هذا المجرم في تمزيق ثيابها ببشاعة و دون أي تردد، فأطلقت الفتاة المسكينة صرخة ضعيفة تعبر بها عن عجزها و ضعفها أمام رغبة هذا الذئب، فأمسك المراهق المجنون السكين و ضغط بقوة هذه المرة على عنقها إلى أن أحدث جرحا طفيفا هناك، و قال بغلظة:
_"إن صرخت مرة ثانية، فلن أرحمك هذه المرة..الزمي الصمت"
ثم أخذ ينهي ما بدأه بوقاحة أكبر، فمزق ثيابها الخارجية دون أن يظهر أية علامة رحمة أمام الدموع المنهمرة على خدي فاطمة، و شرع يقبلها هنا و هناك، دون أن يكثرت لها و لشبابها و لشرفها اللذين سيضيعان، و لا حتى أن يحترم كونها أحد جيرانه، فبدا كمن يلتهم لحم أخته و هي حية، و هي لا تظهر أية مقاومة، و استسلمت لشراهة هذا المتعجرف الذي لم يكبح بعد جماح هجومه الظالم، فاغتصبها و نزع منها أعز ما تملك، لطخ شرفها و ضرب به عرض الحائط، مستعملا القوة و التهديد، و البقية لا تصلح فعلا لأن توصف.و بعد أن أحس هذا المتغطرس بإشباع غريزته القذرة، قال لضحيته و هو واثق من نفسه يلوح بسكينه:
_"سأجعلك تندمين كثيرا إذا علم أحدهم بما جرى بيننا، و اعلمي أن عقابي سيكون قاسيا إذا ما فعلتِ و لن أتردد في قتلكِ إن اضطررت لذلك، فاحذري كل الحذر"
بعد أن تمتم بهذه الكلمات، وثب و ثبتين أو ثلاث، ثم أسرع في خطواته إلى أن اختفى بين الأشجار، تاركا فريسته في مكانها تتألم، و كأن سبعا قد نهشها و أخذ منها ما يريد ثم جعل الذباب يحوم حولها و توارى عن الأنظار دون أن يلتفت لها.بسطت قدميها و غطتهما ثم غطت بثيابها الممزقة ما استطاعت من عورتها، و بدأت تلتقط أنفاسها و عينيها لا تتوقفان عن ضخ المزيد من الدموع التي بللت صدرها و خديها، و كانت تطلق من حين لآخر أنينا متألما، لقد كان ذلك المتوحش يدفعها بعنف نحو الشجرة التي خلفها فيؤلمها بشدة، و لا شك أنها ستجد بعض الجروح الخفيفة في ظهرها.بعد أن أحست أنها مستعدة للوقوف و المشي نهضت و بصعوبة، بعد نصف ساعة تقريبا ذاقت فيها طعم المرارة حقا من قبل إنسان كان بالنسبة لها وقحا و طائشا، لكنها لم تتصور يوما أن تصل به الوقاحة لارتكاب هذه الجريمة في حقها، نهضت و بدأت تجاهد نفسها لكي تسير و تسرع للوصول إلى البيت، راجية الله أن لا يراها أحد في هذه الحالة المزرية، فقد كانت تثبت قدميها على الأرض بمشقة النفس، و تحاول أن لا تسمح للدموع بأن تهزمها، متشبثة بملابسها التي مُزقت أغلبيتها.و هي هكذا نصف عارية و منهكة، استمرت في طريقها و هاهي كادت تصل، ليس بينها و بين عتبة المنزل إلا أمتار قليلة، و ها هو خالد قد خرج و علامات القلق بادية على وجهه، عندما لمحها لأول وهلة، أسرع لمساعدتها، أما فاطمة لما رأته يسرع نحوها، ارتمت على الأرض مغشي عليها من شدة التعب، و قد حمدت الله لأن أحدا لم يرها و هي عائدة، بينما كان خالد قد صرخ قائلا:
_"فاطمة، أختي، ماذا بك؟"
فقالت محاولة التهدئة من روعه و آثار الدموع جعلت عينيها محمرتين:
_"لا تقلق، أنا بخير، لقد هاجمتني بعض الكلاب الضالة فقط، ساعدني يا أخي على الدخول إلى البيت"
فأعانها خالد على السير و هو يحاول أن يجد تفسيرا لما حصل لها.أحضر لها كأس ماء بعد أن جعلها تتمدد و بعد أن وضع وسادة تحت رأسها، ساعدها لكي ترشف ما هي في حاجة إليه من ماء و أعاد وضع رأسها على الوسادة ببطء، ثم قال:
_"ماذا حل بكِ يا أختي؟"
تريثت فاطمة لتلتقط أنفاسها قبل أن ترد على سؤاله قائلة:
_"بينما كنت عائدة من المنبع..، هاجمتني بعض الكلاب الشاردة، التي أخذت تقفز من هنا و هناك..و تهاجمني..فمزقت ثيابي كما ترى، بل و حطمت الآنية التي أحضرت فيها الماء..لقد هاجمتني من دون رحمة..، و رحت أدافع عن نفسي..إلى أن ركلتهم واحدا تلو الآخر..ثم ابتعدوا و تركوني على هذه الحالة المزرية، لم أستطع الوصول إلى هنا إلا بصعوبة"
و ما كادت تنهي قصتها الملفقة هذه حتى انفجرت باكية، فحاول أخوها تهدئتها، دنا منها و مسح دموعها قائلا:
_"لم تبكين الآن، احمدي الله لأنك لم تصابي بأذى كبير،سوف تكونين على ما يرام"
ثم قبل جبينها و رسمت شفتاه ابتسامة عذبة خففت من روع أخته التي بدأت تهدأ، لكنها تحس بآلام في عدة مناطق من جسدها. و بعد أن نالت فاطمة قسطا من الراحة، أرادت أن تأخذ حماما تطهر به نفسها، أعانها شقيقها على السير، و رافقها إلى الحمام ثم تركها تستحم لعلها تصبح بحال جيدة و أسرع بعد ذلك ليحمل آنية فخارية أخرى و اتجه نحو المنبع ليجلب بعض الماء.
أخذت فاطمة تصب الماء من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها و دموعها لا تقل صبيبا عن المياه التي تسري فوق جسدها، و عقلها يستحضر تلك الصور التي لن تنسى لوحش غلبه هواه، فلم يجد غير هذه المسكينة ليسلبها أنوثتها.كانت كل صورة تستحضرها تؤلمها كثيرا، و تقف أمامها كشبح مرعب يخيفها و يجعلها تحس بأنها على وشك الموت.فاطمة فتاة جذابة و جميلة فعلا، لكن هل هذه أسباب تجعل الآخرين يطمعون فيها و يقتلون حياتها؟، هذا الذئب الذي غرس مخالبه في جسد هذه الشابة لن يجد من يعاقبه في ظل احتفاظها بما وقع سرا، لكن حياتها ستصبح جحيما، و لن تقدر على تحمل العواقب...(يتبع)

Share this:

إرسال تعليق

 
Copyright © واويزغتــي | فين ما مشيت . Designed by OddThemes | Distributed By Gooyaabi Templates