_"أرجوك يا مصطفى،
أرجوك، أستحلفك بأغلى ما تملك أن تتركني و شأني، أرجوك فأنت لست من أولئك
المراهقين الطائشين،..أرجوك يا مصطفى، سأدين لك بخدمة إن تركتني و
شأني..أرجوووك.."
و بنبرة متعجرفة رد مصطفى
قائلا:
_"أن أترككِ و شأنك..ها
ها ها، كنت أتحين هذه الفرصة الذهبية منذ مدة و الآن عندما حصلت عليكِ بين يدي،
تطلبين مني أن أخلي سراحكِ بهذه السهولة..هه..اسمعي إن نطقت بكلمة واحدة سأغرس هذا
السكين في عنقك و أرتوي من دمائكِ، أسمعتي؟"
و ازدادت دموع فاطمة التي
أخذت تذرفها في صمت و خوف شديدين، بينما انهمك هذا المجرم في تمزيق ثيابها ببشاعة
و دون أي تردد، فأطلقت الفتاة المسكينة صرخة ضعيفة تعبر بها عن عجزها و ضعفها أمام
رغبة هذا الذئب، فأمسك المراهق المجنون السكين و ضغط بقوة هذه المرة على عنقها إلى
أن أحدث جرحا طفيفا هناك، و قال بغلظة:
_"إن صرخت مرة ثانية،
فلن أرحمك هذه المرة..الزمي الصمت"
ثم أخذ ينهي ما بدأه بوقاحة
أكبر، فمزق ثيابها الخارجية دون أن يظهر أية علامة رحمة أمام الدموع المنهمرة على
خدي فاطمة، و شرع يقبلها هنا و هناك، دون أن يكثرت لها و لشبابها و لشرفها اللذين
سيضيعان، و لا حتى أن يحترم كونها أحد جيرانه، فبدا كمن يلتهم لحم أخته و هي حية،
و هي لا تظهر أية مقاومة، و استسلمت لشراهة هذا المتعجرف الذي لم يكبح بعد جماح
هجومه الظالم، فاغتصبها و نزع منها أعز ما تملك، لطخ شرفها و ضرب به عرض الحائط،
مستعملا القوة و التهديد، و البقية لا تصلح فعلا لأن توصف.و بعد أن أحس هذا
المتغطرس بإشباع غريزته القذرة، قال لضحيته و هو واثق من نفسه يلوح بسكينه:
_"سأجعلك تندمين كثيرا
إذا علم أحدهم بما جرى بيننا، و اعلمي أن عقابي سيكون قاسيا إذا ما فعلتِ و لن
أتردد في قتلكِ إن اضطررت لذلك، فاحذري كل الحذر"
بعد أن تمتم بهذه الكلمات،
وثب و ثبتين أو ثلاث، ثم أسرع في خطواته إلى أن اختفى بين الأشجار، تاركا فريسته
في مكانها تتألم، و كأن سبعا قد نهشها و أخذ منها ما يريد ثم جعل الذباب يحوم
حولها و توارى عن الأنظار دون أن يلتفت لها.بسطت قدميها و غطتهما ثم غطت بثيابها
الممزقة ما استطاعت من عورتها، و بدأت تلتقط أنفاسها و عينيها لا تتوقفان عن ضخ
المزيد من الدموع التي بللت صدرها و خديها، و كانت تطلق من حين لآخر أنينا متألما،
لقد كان ذلك المتوحش يدفعها بعنف نحو الشجرة التي خلفها فيؤلمها بشدة، و لا شك
أنها ستجد بعض الجروح الخفيفة في ظهرها.بعد أن أحست أنها مستعدة للوقوف و المشي نهضت
و بصعوبة، بعد نصف ساعة تقريبا ذاقت فيها طعم المرارة حقا من قبل إنسان كان
بالنسبة لها وقحا و طائشا، لكنها لم تتصور يوما أن تصل به الوقاحة لارتكاب هذه
الجريمة في حقها، نهضت و بدأت تجاهد نفسها لكي تسير و تسرع للوصول إلى البيت،
راجية الله أن لا يراها أحد في هذه الحالة المزرية، فقد كانت تثبت قدميها على
الأرض بمشقة النفس، و تحاول أن لا تسمح للدموع بأن تهزمها، متشبثة بملابسها التي
مُزقت أغلبيتها.و هي هكذا نصف عارية و منهكة، استمرت في طريقها و هاهي كادت تصل،
ليس بينها و بين عتبة المنزل إلا أمتار قليلة، و ها هو خالد قد خرج و علامات القلق
بادية على وجهه، عندما لمحها لأول وهلة، أسرع لمساعدتها، أما فاطمة لما رأته يسرع نحوها،
ارتمت على الأرض مغشي عليها من شدة التعب، و قد حمدت الله لأن أحدا لم يرها و هي
عائدة، بينما كان خالد قد صرخ قائلا:
_"فاطمة، أختي، ماذا
بك؟"
فقالت محاولة التهدئة من روعه
و آثار الدموع جعلت عينيها محمرتين:
_"لا تقلق، أنا بخير،
لقد هاجمتني بعض الكلاب الضالة فقط، ساعدني يا أخي على الدخول إلى البيت"
فأعانها خالد على السير و هو
يحاول أن يجد تفسيرا لما حصل لها.أحضر لها كأس ماء بعد أن جعلها تتمدد و بعد أن
وضع وسادة تحت رأسها، ساعدها لكي ترشف ما هي في حاجة إليه من ماء و أعاد وضع رأسها
على الوسادة ببطء، ثم قال:
_"ماذا حل بكِ يا
أختي؟"
تريثت فاطمة لتلتقط أنفاسها
قبل أن ترد على سؤاله قائلة:
_"بينما كنت عائدة من
المنبع..، هاجمتني بعض الكلاب الشاردة، التي أخذت تقفز من هنا و هناك..و
تهاجمني..فمزقت ثيابي كما ترى، بل و حطمت الآنية التي أحضرت فيها الماء..لقد
هاجمتني من دون رحمة..، و رحت أدافع عن نفسي..إلى أن ركلتهم واحدا تلو الآخر..ثم
ابتعدوا و تركوني على هذه الحالة المزرية، لم أستطع الوصول إلى هنا إلا
بصعوبة"
و ما كادت تنهي قصتها الملفقة
هذه حتى انفجرت باكية، فحاول أخوها تهدئتها، دنا منها و مسح دموعها قائلا:
_"لم تبكين الآن، احمدي
الله لأنك لم تصابي بأذى كبير،سوف تكونين على ما يرام"
ثم قبل جبينها و رسمت شفتاه
ابتسامة عذبة خففت من روع أخته التي بدأت تهدأ، لكنها تحس بآلام في عدة مناطق من
جسدها. و بعد أن نالت فاطمة قسطا من الراحة، أرادت أن تأخذ حماما تطهر به نفسها، أعانها
شقيقها على السير، و رافقها إلى الحمام ثم تركها تستحم لعلها تصبح بحال جيدة و
أسرع بعد ذلك ليحمل آنية فخارية أخرى و اتجه نحو المنبع ليجلب بعض الماء.
أخذت فاطمة تصب الماء من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها
و دموعها لا تقل صبيبا عن المياه التي تسري فوق جسدها، و عقلها يستحضر تلك الصور
التي لن تنسى لوحش غلبه هواه، فلم يجد غير هذه المسكينة ليسلبها أنوثتها.كانت كل
صورة تستحضرها تؤلمها كثيرا، و تقف أمامها كشبح مرعب يخيفها و يجعلها تحس بأنها
على وشك الموت.فاطمة فتاة جذابة و جميلة فعلا، لكن هل هذه أسباب تجعل الآخرين
يطمعون فيها و يقتلون حياتها؟، هذا الذئب الذي غرس مخالبه في جسد هذه الشابة لن
يجد من يعاقبه في ظل احتفاظها بما وقع سرا، لكن حياتها ستصبح جحيما، و لن تقدر على
تحمل العواقب...(يتبع)
إرسال تعليق