فكر الثورة و التغيير

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته


     إن ما يشهده العالم العربي اليوم من اضطرابات لحقت الثورات التي عرفتها مختلف البقاع العربية لهو أكبر دليل على عدم وجود أرضية صلبة و خصبة تؤتي من خلالها هذه الانتفاضات أكلها، و تتمكن زهرة الربيع العربي من أن تتفتح و تلقي على الشعب نسمات عطرها الفواح. و حتى و إن انتهت هذه الفوضى "المؤقتة"، هل فعلا تستطيع هذه الثورات أن تخرج هذه الأمة من نفق الظلمات الذي تعيش فيه..؟
      
    المشروع الاقتصادي و التنموي الذي يسعى للنجاح وجني ثمار الأرباح، لا بد أن يتوفر القائمون عليه على رأسمال من الإمكانات التي تعبد له الطريق، حتما كذلك هو الحال بالنسبة لأي مشروع مجتمعي يكون مبنيا على التغيير الثوري أو التغيير السلمي، إذ لا بد من وجود النواة الأساسية لقيام المشروع و نجاحه كشرط أساسي و ضروري.
     
     فبالإضافة للإرادة و السعي نحو التغيير، يغفل الكثيرون أهمية دور العلم و يقظة الفكر في قيادة الثورات الشعبية لبناء دولة الحق و القانون و بناء دولة المؤسسات و الاقتصاد القوي، فالثورة المجتمعية لا تتحقق إلا بعد ثورة علمية و فكرية ممهدة، تأمل معي أخي الكريم هذه الجملة، فهي الجواب عن السؤال الذي طرحناه في البداية، ما دامت الأمة العربية متراجعة في مؤشرات العلم و الابتكار و الصناعة، فلا طائل من وراء ثورة لن تفرز تغييرا في العقلية السائدة، فمتى كانت الانتفاضات هي التي تحقق الرخاء للشعوب؟ أو ليس العلم و العمل من يسير بالمجتمعات نحو التقدم؟ و لك يا أخي في "كوكب اليابان الشقيق" عبرة، فهذا الشعب الذي تحدى نتائج الحرب العالمية الثانية و التي كانت كارثية بالنسبة له، و استطاع في ظرف خمسين سنة فقط أن يبني اقتصادا قويا قائما على الكفاءة العالية للمورد البشري، رغم عدم توفره على موارد طبيعية يؤسس عليها اقتصاده، فأسس لثورة باردة قوامها العلم و العمل، فشتان بين الفكر الياباني و الفكر العربي، و هل ما زلت تظن بأن المجتمعات العربية ستنجح في التغيير بفكر مخالف؟
     
     لست من المتشائمين، لكن لسان الحال يجزم بضرورة تغيير المبدأ الذي نتبعه و نحن ننشد العيش الكريم، لن ننجح في هذا الدرب إلا و نحن مستحضرون لمركزية كل فرد في المجتمع في هذا المشروع، من خلال إتقانه لعمله و معرفة ما له و ما عليه، و إدراكه لمفهوم الصالح العام، فحياتنا المدنية لن تتغير إلا بعد أن يدرك الأفراد أن المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة كيفما كانت. معادلة بسيطة لا تحتاج إلا التطبيق، علما بأنها جاءت مذكورة في القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنا، قال جل جلاله: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا 
ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.
في انتظار ردودكم. تحياتي   


Share this:

إرسال تعليق

 
Copyright © واويزغتــي | فين ما مشيت . Designed by OddThemes | Distributed By Gooyaabi Templates