مقالة مختارة من
كتابة الدكتور جمشيد ابراهيم أستاذ الإقتصاد في جامعة بريمن و
مدارس و شركات ألمانية مختلفة
في يوم من الايام
و بعد شعوري بقضاء حاجة ملحة و أنا أتمشى في شارع من شوارع المدينة الخاصة بالمشاة
و المكتظة بالناس و بحثي عن مكان هادئ التجأ إليه بدأت أفكر كيف تستطيع دولة صغيرة
نسبيا مواجهة و تلبية احتياجات 83 مليون شخص من الحمام و التواليت و تصريف الفضلات
و توفير الماء و الكهرباء و الغذاء للجميع يوميا للعيش باحترام و كرامة في بلد لا تنعم
بالطاقة الشمسية ولا تمتلك من الموارد الاقتصادية شيئا غير سكانها اكتمل لدي القناعة
أن توفر الموارد الطبيعية لوحدها لا شيء أمام الموارد و الثروة البشرية. البلد الذي
يهمل و يعذب و يقتل و يهجر ثروته البشرية لا يتقدم مهما امتلك من الموارد الطبيعة.
على الدولة تقديم إغراءات لتشجيع أصحاب الكفاءات على البقاء في بلدهم لأنه في زمن العولمة
تفتح الاسواق أبوابها على مصراعيها لأصحاب الكفاءات من جميع انحاء العالم.
بداية خطر إلى بالي
بأن إشراك المرأة في الانتاج الاقتصادي و خاصة اذا كانت مثقفة و ذكية و جميلة يشتهيها
الرجال الأغنياء و أرباب الدعاية و الإعلانات في الصحف و التلفزيون و الأنترنيت من
كل مكان هي السبب الرئيسي وراء قوة اقتصاد ألمانيا إضافة إلى هذا العدد الهائل من مهندسي
السيارات و المكائن و الأجهزة الصناعية المتطورة بعدما نهضت ألمانيا من الصفر بعد الحرب
العالمية الثانية في ما سمي بالمعجزة الاقتصادية Wirtschaftswunder. ولكن توفر الثروة البشرية وحدها لا يضمن تقدم بلد كما نرى في بلدان
كثيرة في العالم عندما تعتبر الثروة البشرية نقمة اكثر من نعمة.
توفر نظام اقتصادي
و مالي و تعليمي وقانوني و اجتماعي و صحي و سياسي سليم يرتكز على قاعدة صلبة و يحترم
من قبل المواطن و يطبق بحذافيره أساس لأي عملية تقدم. إذا فقد إنسان عمله لا يعني تحوله إلى شحاذ أو عالة على أهله لان النظام المالي في الدولة له حساب خاص في دائرة خاصة
تهتم بشؤون العاطلين عن العمل لمساندتهم ماليا إضافة إلى تقديم دورات خاصة لهم لتحسين
كفاءاتهم أو التوجه إلى سلك آخر و تعلم مهنة أخرى بغية الحصول على وظيفة جديدة والعودة إلى الحياة الاجتماعية الطبيعية.
تقليل الاعتماد على
الحكومة و تشجيع الاعتماد على النفس يخفف من كاهل الدولة و يشجع الأفراد عندما يلوح
في سماء العمل فرص نجاح ذهبية تستحق الركض وراءها. هناك مثل ألماني يقول : بالعمل تحتفظ
بشبابك. ولكن عندما تكون الدولة رب العمل الوحيد في بلد معين ويتحول المواطنات والمواطنون إلى موظفات و موظفين تبدأ الدولة بالإفلاس. و بنفس الطريقة يحدث تضخم في مهن الطب و
الهندسة إذا أراد الجميع دراسة الهندسة والطب ليتحولوا إلى موظفين لدى الحكومة و ينظروا
باحتقار إلى الأعمال اليدوية و المهنية فسوف لن تكون هناك ناس تقوم بأعمال مهمة أخرى.
قيمة كل مهنة تعتمد على نسبة العرض و الطلب في السوق لا أكثر و لا أقل. لقد فقدت بعض
المهن امتيازاتها لكثرة العرض.
نظرا لعدم وجود موارد
طبيعية كالنفط فان الدولة بحاجة إلى نظام خاص لفرض و جباية الضرائب لملء ميزانيتها
و صرفها للمصلحة العامة. أحيانا تثقل الضرائب كاهل المواطن لأنه يجبر على دفع الضرائب
حتى على الراتب الذي يستلمه Lohnsteuer مما يؤدي إلى إيجاد طرق للتخلص من دفع الضرائب أو التملص منها تسمى Steuerhinterziehung أو الهجرة إلى مناطق تسمى بالجنة الخالية من الضريبة Steuerparadies او الهجرة بغية التخلص من الضريبة و الطقس البارد في آن واحد.
لقد أدركت الشركات أيضا أن الثروة البشرية من أهم مواردها و لذلك لديها برامج تسمى personnel developement لتحسين كفاءاتهم و برامج لتشجيعهم للبقاء في الشركة لأن الشركات تخشى personnel turnover أي ترك أصحاب الكفاءات الشركة بحثا عن منصب أعلى
في مكان آخر. هناك أيضا برامج للمرأة عند الحمل و الولادة و لمساعدة الرجل التوقف عن
العمل و لفترة قصيرة لكي تستطيع الزوجة الرجوع إلى الدائرة و ممارسة وظيفتها. بعض الشركات
الكبيرة لها روضتها الخاصة لمساعدة العائلات التوفيق بين العمل و تربية الأطفال.
فأين نحن من هذا كله؟؟
إرسال تعليق