كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته


بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته 
       
   عشت طوال اليومين الماضيين، شأني شأن جميع المغاربة، فصلا آخر من فصول الحكرة و الإذلال، في وطن هان عليه أن ينصف أبناء شعبه، و هان عليه حتى أن يكفل لهم حق التعبير و الاحتجاج و الاستنكار، و إن كان هذا أبسط ما يمكن لوطن أن يوفره لشعبه، أبسط ما يمكن لأب أن يوفره لأبناءه، لكن هيهات، آن لنا و الله أن نبحث عن أب آخر، أب يغدق علينا بحنانه و يمنحنا حمايته، بعد أن اكتشفنا و بالملموس أننا أيتام تكفل بهم، و انطلت علينا خدعة (أنا والدك الحقيقي)٠٠

             في الشارع، أصوات تعالت لتشجب و تستنكر العفو الملكي الذي طال المجرم المسمى دانيال، فكان مصيرها الضرب و الشتم و السب مع سبق الإصرار، و هاهو حامي الدين يقف مع المتظاهرين مترجما عجز حكومة الكراكيز أمام هذا القرار المجحف، و هو العضو في اﻷمانة العامة لحزب العدالة و التنمية، موضحا لحقيقة مكانة الحكومة و الأحزاب في المشهد السياسي المغربي٠على مواقع التواصل الاجتماعي، تواصل الشجب و الاستنكار، بين من يعبر عن رفضه للقرار بتعليق أو بفيديو أو صورة، و بين من يحرق بطاقته الوطنية أو جواز سفره المغربي متبرئا من انتماءه لهذا الوطن، و بين من يدعو لتقديم اعتذار رسمي للضحايا و أسرهم و كدى عامة الشعب، و بين من ينشر الحلقة 24 من سلسلة لكوبل، و لم يشفي غليلي إلا ذلك الفيسبوكي الذي علق على نشر الفيديو قائلا: ما خاس بونا غير الضحك

            مطالب المتظاهرين و خروجهم إلى الشارع كانت منطقية بالنظر إلى فظاعة اﻷمر، زيارة  العاهل الاسباني الأخيرة للمغرب لا يمكن أن تكون بريئة مما نسب لها، فكيف أن يصدر العفو بحق 48 اسبانيا مباشرة بعد هذه الزيارة، إلا أن يكون ذلك استجابة لطلب الملك الاسباني، و إن لم يكن كذلك، فماذا يعني  البيان الذي أصدرته وزارة العدل غير ذلك، و يا عجبا حين تسمع أن البرلمان الاسباني قد أمر بالتحقيق في اﻷمر مباشرة بعد علمهم بالموضوع، لأن أطفالهم لا يمكن أن يكونوا عرضة لخطر ذلك المجرم الذي أصبح طليقا و عاد إلى وطنه، و نحن استرخصنا أبناءنا و استرخصنا كرامتهم أمام المصلحة العليا و الاستراتيجية للوطن، فأي مصلحة هذه لتثنينا عن رؤية الحق و تجعلنا نركع لمن يحتلون ثغورنا الشمالية لسنوات، أم أن صحراء قاحلة و قطعة أرضية كنا قادرين على حمايتها بأساليب أخرى أكثر شرفا و عزة هي من جعلتنا ننسى أن لهذا الوطن رجالا كرماء و نساء كريمات استشهدوا و شاركوا في مسيرة خضراء هي من أرجعت الصحراء تحت سيادتنا، و من أرحامهم ولد اليوم هؤلاء اﻷطفال الذين اغتصبهم  ذاك الذي اغتصب و يغتصب أراضينا اليوم، بل و أن بحارنا لم تسلم من اغتصابه، فلا العفو أشفى غليله، و لا الاستقبال الحافل أسره، بل استوجب اﻷمر أن نتعاقد معه ليستغل ثرواتنا البحرية لكي
نشفي غليله، قولوا لي: أأذلنا الزمان٠٠ أم أننا رضينا بأن نذل؟
           
 سياسيا، بحركة بسيطة كان الملك قادرا على أن يرجح الكفة لصالحه، فلو أنه قام بخطاب مستعجل، و قدم اعتذارا للمتضررين ثم أمر بإصدار مذكرة بحث في حق الجاني، لربح صورة الملك الشهم و المتواضع الذي يحب شعبه، و لازدادت الرابطة متانة، لكن لا كاريزمية الحسن الثاني استمرت، و لا رواية ملك الشعب و ملك الفقراء اكتملت، بل صدر بلاغ من القصر ينفي علم الملك بحيثيات الموضوع، و أنا أقول: إن كان يعلم فتلك مصيبة، و إن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم، و كما قالت إحدى اﻷخوات: لو أخبرناك بكل ما يقع في هذه البلاد السعيدة، فسوف تخرج للتظاهر٠ لك الله يا وطني٠
         

Share this:

إرسال تعليق

 
Copyright © واويزغتــي | فين ما مشيت . Designed by OddThemes | Distributed By Gooyaabi Templates