المبحث الثاني: أحتلال حاضرة آيت عطا نومالو واويزغت في خريف سنة 1922:
من المعارك الهامة التي عرفتها منطقة أزيلال في مرحلة ما كان يسمى بالتهدئة ، المعارك التي أدت إلى احتلال واويزغت في خريف سنة 1922، و قد نزلت فيها قوات الاحتلال بإمكانيات ضخمة، و قادها من واجهتين اثنين: واجهة مراكش على يد الفرقة المتنقلة لمراكش المدعمة من طرف مجموعة من الحركات المساندة، و واجهة تادلة على الفرقة المتنقلة لتادلة المدعمة بدورها من طرف مجموعة من الحركات المساندة. و قد تولى القيادة العامة لهذه القوات الجنرال Daugan حاكم ناحية مراكش.
و في مقابل ذلك شارك فيها جيش ضخم من مجاهدي المنطقة المنتمين على الخصوص إلى قبائل آيت عطا نومالو و آيت بوزيد و آيت مازيغ و آيت مصاض تحت قيادات زعماء دينيين و سياسيين بارزين. و يمكن تلخيص الأحداث التي عرفتها هذه المنطقة خلال سنة 1922 و الاستعدادات التي سبقتها و النتائج التي أسفرت عنها ضمن النقط التالية:
1. الاستعدادات التي قامت بها القوات الفرنسية لاحتلال واويزغت من واجهتي مراكش و تادلة و الإمكانيات التي سخرها مجاهدو المنطقة لمواجهتها؛
2. المعارك السابقة لاحتلال واويزغت من واجهتي مراكش و تادلة؛
3. احتلال واويزغت يوم 26 شتنبر 1922؛
4. النتائج التي أسفرت عنها معارك واويزغت و المعارك السابقة لها؛
5. الوضع في منطقة أزيلال بعد معركة واويزغت.
1- الاستعدادات التي قامت بها القوات الفرنسية لاحتلال واويزغت من واجهتي مراكش و تادلة و الإمكانيات التي سخرها مجاهدو المنطقة لمواجهتها:
اقتناعا منها بالأهمية الإستراتجية لموقع واويزغت على الطريق الرابطة بين مراكش و تادلة عبر دمنات و تنانت و أزيلال و الطريق الرابطة بين تادلة و دادس و تدغة عبر زاوية أحنصال و ممر إيزوغار قررت قوات الاحتلال احتلال هذا الموقع من واجهتين: واجهة تادلة و واجهة مراكش. و لأجل ذلك كونت فرقتين: الفرقة المتنقلة لمراكش و الفرقة المتنقلة لتادلة، و جعلت الفرقتين معا تحت قيادة عامة. و في ما يلي تشكيلة هاتين الفرقتين و كذا قيادتهما العامة التي أطلق عليها اسم قيادة مجموعة العمليات:
- قيادة مجموعة العمليات و تتكون مما يلي:
- قائد المجموعة: الجنرال Daugaun.
- رئيس القيادة العليا: رئيس الكتيبة Giraud.
- رئيس مصلحة الاستخبارات: رئيس الكتيبة Orthlieb.
- المكلف بالتنسيق مع الطيران: القبطان Bouscat.
- الفرقة المتنقلة لمراكش و تتكون ممن يلي:
- رئيس الفرقة: الكولونيل Naugés.
- رئيس القيادة العليا: رئيس الكتيبة Goupsy.
- المشاة: اليوطنان كولونيل: Maurel- رئيس الكتيبة DePascal.
- رئيس الكتيبة: Gondy- رئيس الكتيبة Toussaint.
- رئيس الكتيبة: Tailleminte- رئيس الكتيبة Lambert.
- رئيس الكتيبة: DeCorta.
- المدفعية: رئيس الفرقة Perny.
- الفرسان: رئيس الفرقة DeBeauchesne – القبطان Mazoyer و القبطان Nourissat.
- الهندسة: رئيس الفرقة القبطان Froment.
- الطيران: القبطان Nahel.
- الاتصالات اللاسلكية: اليوطنان Megy.
و تتكون هذه الفرقة من 5 كتيبات و سريتين اثنتين للفرسان و 3 وحدات مدفعية و نصف من نوع 65 و 75 و فصيلة واحدة للمدفعية الرشاشة الآلية و وحدة طيران و فرقتين اثنتين للكوم أي ما مجموعه 5700 رجل و 3250 حيوانا. كما أنها كانت مدعمة بحوالي 11.000 رجل مساند ينتمون إلى قبائل كلاوة و هنتيفة و آيت عتاب و آيت أوتفركل. و كانت حركة كلاوة و حدها تتكون من 8.000 إلى 9.000 رجل.
- الفرقة المتنقلة لتادلة و تتكون مما يلي:
- رئيس الفرقة: الكولونيل Freydenberg.
- مساعده: اليوطنان كولونيل Grasset.
- رئيس القيادة العليا: القبطان Belfort.
- المشاة: رئيس الكتيبة Miquel – رئيس الكتيبة Bertho – رئيس الكتيبة Ture – رئيس الكتيبة Stéfani – رئيس الكتيبة Runacker – رئيس الكتيبة Menigoz.
- الفرسان: رئيس الفرقة De Lamothe – القبطان Boisson – D’Ecole – Gaudet Bournol.
- المدفعية: رئيس الفرقة Langlais.
- الهندسة: اليوطنان Gobert.
- الطيران: القبطان Lehideux.
- الاتصالات اللاسلكية: اليوطنان Warant.
و تتكون هذه الفرقة من 6 كتيبات للمشاة و كتيبة واحدة للفيف و ثلاث فرق مدفعية من نوع 65 وفرقتي فرسان و فرقة مدفعية من نوع 75 و فصيلة مدفعية واحدة من نوع 95 و 3 فرق رماة مغاربة و فرقة واحدة رماة جزائريين و فرقة واحدة رماة سِنِغاليين و فرقتي سبايس و الصالح الأخرى أي ما مجموعه حسب الكولونيل فوانو 5700 جندي نظامي بالإضافة إلى مساندين و عددهم 2000 رجل و ينتمون إلى أبي جعد و وادي زم و آيت الربع و بني موسى وبني عمير و كوم بني ملال و تيزكي و الذين انضاف إليهم مساندوا تيموليلت. وفي تفصيلة لمكونات الفرقة المتنقلة لتادلة أوضح "كوستاف بابان" بأنها كانت تشمل 133 ضابطا و 5678 جنديا نظاميا ( 3397 من المشاة، و 473 فارسا، و 1042 رجل مدفعية) و 2000 مساند و 784 جوادا و 2448 بغلا و 6 طائرات مقنبلة و وحدتين صحيتين أي ما مجموعه 22.500 رجل مع 267 ضابطا و 2086 حصانا و 5319 بغلا.
ⵣ الإمكانيات التي سخرها مجاهدوا المنطقة لمواجهة قوات الاحتلال:
لا نتوفر على إحصائيات دقيقة حول هذه الإمكانيات سواء تعلق الأمر بالإمكانيات البشرية أو المادية و خاصة في غياب كتابات المغاربة عن هذه المرحلة على حد علمي، إلا أنه يمكن تكوين فكرة شمولية عن هذه الإمكانيات من خلال التقارير التي كانت تنجزها سلطات الاحتلال عن سير العمليات الحربية في المنطقة خلال هذه المرحلة و التي تعترف فيها بأنها إمكانيات ضخمة، و لا يمكن أن تكون إلا كذلك لأن مجاهدي المنطقة كانوا ينتمون إلى قبائل آيت مصاض و آيت بوزيد وآيت بوكماز و آيت عطا نومالو و آيت مازيغ و آيت إصحا و آيت سخمان، و يوجد على رأسهم زعماء دينيون كبار أمثال سيدي محا الحنصالي و سيدي الحسين أوتامكة و عبد الماك الطيبي، بالإضافة إلى الزعماء السياسيين الذين لا تخلو أي قبيلة من الكثير منهم كما يتضح من خلال جميع فصول الكتاب. و بالرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها هذه القبائل فإن التنسيق بينها لم يكن تاما بالرغم من الاجتماعات التي كان يعقدها ذوو الحل و العقد عليها، و السبب في ذلك أن كل قبيلة من تلك القبائل كانت لها انشغالاتها الخاصة و أولويتها. و هكذا فقد جاء في تقرير الشمولي الفرنسي لشهر يوليوز 1922 بأن المجموعة المتكونة من قبائل آيت عطا نومالو و آيت سخمان و آيت عبدي و آيت يسري كانت خلال هذا الشهر منشغلة بالأحداث الجارية بملوية العلوية: و على إثر مغادرة اغبالة انطلقت العديد من النداءات للتصدي لأي تقدم جديد لقوات الاحتلال في اتجاه منابع وادي العبيد، و بقي آيت عطا نومالو الذين كانوا في نقاش مستمر مع آيت سخمان و آيت إصحا الذين يتجه اهتمامهم إلى ناحية أزيلال، في منأى عنهذه التحركات. و حسب تقرير شهر غشت 1922 فإن قبيلتي آيت عطا نومالو و آيت بوزيد الجبل عقدتا سلسلة من الاجتماعات خلال هذه الفترة لانتخاب شيخ للحرب و تكوين حركة لمواجهة قوات الاحتلال، و قد انضم مجاهدو هاتين القبيلتين إلى حركة آيت مصاض و آيت سخمان باقتراح من سيدي محا الحنصالي و سيدي الحسين أوتامكة. و قد تجمعت هذه الحركة المجاهدة في برناط. و حسب تقرير شهر شتنبر 1922 فإن سيدي الحسين أوتامكة تمكن خلال هذا الشهر من تكوين حركة من حوالي 1500 بندقية من آيت سخمان و آيت عبدي و آيت يسري للتصدي للفرقة المتنقلة للتادلة، في الوقت الذي تصدى فيه مجاهدو آيت إصحا لفرقة الباشا تهامي الكلاوي في آيت بوكماز، ثم في آيت امحمد و حاولوا كذلك أن يتعرضوا الطلائع الأولى لقوات الاحتلال في واويزغت. كما حاولت حركة قبيلة آيت سخمان و قوامها 3000 رجل اعتراض الطلائع الأولى للقوات الفرنسية في واويزغت، إلا أنها انسحبت في اتجاه الحوض الأعلى لوادي العبيد، لتظهر بعض العناصر منها في مرتفعات حوض واويزغت، وجاء في تقرير شهر شتنبر 1922 بأن قبائل آيت بوزيد و آيت مازيغ و آيت أوكديد و آيت امحمد و آيت بوكماز غير الخاضعين قد شاركوا في معركة سنة 1922 ضد قوات الاحتلال إلا أن كل قبيلة من هذه القبائل اكتفت بالدفاع عن ترابها و لم يتم تكوين أي مجموعة قوية لوقف تقدم تلك القوات لدى آيتا محمد أو إلى واويزغت، و كان سيدي محا الحنصالي و سيدي الحسين أوتامكة يشكلان زوح كل المقاومة.
المصدر: كتاب مقاومة سكان إقليم أزيلال للاحتلال الفرنسي في مرحلة غزو المغرب ما بين سنوات 1012م - 1933م -- الجزء الثاني لمؤلفه المرحوم الأستاذ عيسى العربي.
يتبع
إرسال تعليق